6 مارس 2016

الرئيسية الاقتصاد و الاختلافات المجالية

الاقتصاد و الاختلافات المجالية

الاقتصاد و الاختلافات المجالية:
        يتميز المجال الجغرافي بكونه في الأساس غير متجانس إذ لا نجد على سطح الأرض مكانين أو مجالين متشابهين ويعود هذا الاختلاف إلى الجغرافية الطبيعية التي تتمثل في التضاريس و المناخ و التربة و الوحش و النبات إلى غير ذلك كما يعود كذلك إلى الوجود البشري وتفسر هذه الاختلافات بكون المجال يقدم خاصيات جد متميزة لا تسمح للإنسان بممارسة جميع أنواع الأنشطة ،هذا ما يؤدي إلى عدم الاستهلاك والإنتاج بنفس الصورة في كل مكان ،مثلا إذا توفر شخص على ثروة في مكان ما لا يمكنه أن يفعل كل ما يريده، إذا قرر دفع هذه الثروة فانه لا يجد محليا جميع المنتجات التي يريدها مثال يصعب كثيرا الحصول على كتب في اللغة الانجليزية في مدينة الرباط و للتغلب على الاختلافات المجالية يمكن اللجوء إلى مختلف الحلول مثل شراء الكتب من انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية ،لو أن الأماكن كانت متشابهة لما لجأ الإنسان للانتقال من مكان إلى أخر ،سنحاول في هذا الفصل دراسة تأثير الاختلافات المجالية على النشاط الاقتصادي.
1- التوزيع الغير المتكافئ للموارد الطبيعية:
تستعمل الموارد الطبيعية كقاعدة أو أساس لتلبية الحاجيات أو لإنتاج المنافع ،هكذا فان الهواء والماء والحديد بعضها عبارة عن منافع اقتصادية مثل الحديد أو منافع حرة مثل الهواء الذي نستنشقه ،جميع الموارد فهي ضرورية للنشاط الاقتصادي ومنها ما يستخدم في إعداد نشاط اقتصادي مثلا الخشب يتم تحويله إلى عجين أو أوراق ومن خلال هذا يتم إنتاج الورق ،لهذا يجب دراستها في الجغرافية الاقتصادية، لا سيما انه لا توجد موارد بشكل مستقل عن حاجيات الإنسان والبنيات الاقتصادية ،كان السلكس موردا ذي أهمية أولية للإنسان ما  قبل التاريخ ولكن  الأمر تغير حاليا أصبحت موارد أخرى مسار اهتمام كبير يشكل الهواء الذي نستنشقه موردا طبيعيا وليس منفعة اقتصادية بينما الهواء الذي يستنشقه الغواصون  هو مورد ومنفعة اقتصادية نظرا لشرائه ،تشكل الرسامل والآلات واليد العاملة موارد للإنتاج ولكنها موارد اصطناعية و ليست طبيعية لأنها ناتجة عن تدخل الإنسان .الموارد الطبيعية (هي عبارة عن منافع يستهلكها الإنسان عبر نشاطه ولكن لا يمكن أن  يخلقها أو ينتجها).
- الموارد الغير المتجددة:
        هي مخزونات لا يعاد تجديدها كلما تم استخراجها من المنجم ،استخراج المعدن يقلل من المخزون المتاح وينتهي الأمر بنضوبه ،ويؤدي  استهلاك الموارد غير المتجددة حتما (إن كان المسلسل بطيئا )إلى نفاذها ويتعلق الأمر بجميع المعادن والطاقات الاحفورية (الغاز – البترول – الفحم....).
- الموارد المتجددة:
        تتكون من  مخزونات مثل الثروة السمكية،بإمكانها أن تتزايد تزايدا طبيعيا  كما تتكون من تيارات مثل أشعة الشمس توجد هذه الموارد بشكل مستمر دون أن تتأثر باستهلاكها من طرف الإنسان نتحدث هنا  عن موارد دائمة لا متناهية وهي غير مرشحة للنضوب ورغم هذا فان هناك موارد متجددة بالنضوب إذ لم تحترم بعض القواعد ويتعلق الأمر ببعض أنواع الحيوانات ،في الواقع يمكن أن تنضب ،هذا التمييز وان كان غير كامل فهو  جد  مفيد لأنه يترجم باختلافات أساسية فيما يخص تدبير  الموارد.

2- التفاوت في التعمير:
        يتأثر موضوع التوزيع المتكافئ للسكان باهتمام   الجغرافيين الاقتصاديين باعتبار علاقته الكبيرة للجغرافية والتاريخ والاقتصاد.
1- توزيع غير متكافئ للسكان:
شرق أسيا:ويظم الصين الشرقية التايوان وكوريا الشمالية والجنوبية والفيتنام الشمالية واليابان والفلبين ،تحتضن الخريطة السياسية لاسيا أكثر من 1,5 مليار نسمة ما يمثل أكثر من ربع ساكنة العالم 9% من اليابسة.
شبه القارة الهندية: الهند والجبهة الشرقية للباكستان ،و البنكلاديش وسيلانكا التي تحتضن 1,3 مليار نسمة ما يمثل تقريبا خمس ساكبة الكرة الأرضية على 3%  من اليابسة.
 أوربا بدون آسيا:التي تحتضن 700 مليون نسمة على 4,4% من اليابسة.
        يظهر بان المجموعة الأولى والمجموعة الثانية تمثلان يوحدهما أكثر من 4,5% من ساكنة العالم على أسدس اليابسة.
-- على المستوى الاقليمى:
        نميز آسيا الجنوبية الشرقية وبالأخص جزيرة "حوا"في اندونسا التي تحتضن 120 مليون نسمة على 127000 كلمتر مربع بكثافة تقدر ب 900 نسمة في الكلمتر مربع.
خليج غينيا: يظم نيجيريا ،وغينيا وبوركين افاسو ودولة غانا حيث يتركز ما يزيد عن 170 مليون نسمة أي نصف ساكنة إفريقيا الغربية على 300000 كلمتر مربع.
شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية ووادي سان لوران في جنوب كندا بين الساحل الاطلنتي، والولايات المتحدة الأمريكية والبحيرات الكبرى:تحتضنان أكثر من 140 مليون نسمة.
جنوب شرق البرازيل حول سان بولو ومدينة ليو ديجانيرو: تحتضن 90 مليون نسمة على 600000 كلمتر مربع.
        يظهر أن غالبية هذه المناطق الأهلة بالسكان توجد بين خطين عرض 20° و 60° شمالا ، حوالي ثلاثة أرباع من ساكنة الأرض كما يظهر بان هناك اختلاف كبير بين النصف الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية.
        خارج مجالات التركيز السكاني المرتفع نجد مناطق ذات كثافات اقل أو متفاوتة التركيز السكاني مثل أوربا الشمالية والساحل الغربي لا سيما جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية ومناطق ذات كثافات متوسطة مثل الجزء الأكبر من القارة الإفريقية وجنوب الصحراء ونجد أيضا تجمعات حضرية كبرى كموسكو ومكسيك ولوس أنجلس.
1-1- العامل الجغرافي:
        يظهر بان الماء هو ابرز العوامل الجغرافية التي يجب الإشارة إليها ،فهو ضروري لحياة الإنسان وكذا الفلاحة وبقية الأنشطة الاقتصادية ،وقد يساعد الماء في آسيا الشرقية على تنمية الزراعات المسقية ،كما يتركز السكان في السهول الساحلية وفي ساكنة الأودية تتركز ساكنة اليابان على السواحل ، وفي الصين تصل القيم العليا للكثافات في ساكنة المجاري المائية أكثر من 4000 نسمة في ² km كما هو الحال في ساكنة وادي يانغ دسي كيانغ وهو يصب في بحر الصين الشرقي.
        في أمريكا الشمالية امتد اكبر تركز سكاني بين الساحل الشمالي الشرقي والبحيرات الكبرى ولكن هذا حيث توجد مدينة شيكاغوا فهدا التركيز يعود أساسا إلى أسباب تاريخية لأنه رغم وجود الماء فانه هذا النطاق ليس الأفضل على مستوى المناخ حيث يتعرض لصقيع وجليد وثلوج هامة في الشتاء وصيف حار بينما المناطق الأخرى تقدم مناخ جيد كالساحل الشمالي الغربي.
1-2- العامل التاريخي:
        منذ بداية تعمير الأرض فان الأكثر الأقاليم سكانيا كانت مسبقا هي شمال الصين واليابان وشبه جزيرة الهند ، وبالأخص واد الغانج ودجلة والفورات والسواحل الشمالية للبحر الأبيض المتوسط وأوربا الغربية، نلاحظ إذن استمرارية في تفاوتات التعمير والتي تترجم تأقلم البشرية مع العوامل الجغرافية مع ذلك تدخلت حركات السكان في تعمير بعض الأقاليم نذكر بالأخص حركات السكان التي ترتبط بالاستعمار وتجارة العبيد بالإضافة إلى هذا فقد انتقل أكثر من 12 مليون إفريقي إلى أمريكا ونشير أيضا إلى الهجرات القسرية المرتبطة بإحداث سياسية والتي تضاعفت بعد الحرب العالمية الثانية ومن أهما حركات فلسطين نحو الأردن.
        ساهمت عوامل تاريخية أخرى في تشكيل توزيع السكان بالفعل فقد دفع وجود القراصنة في العالم المتوسطي إلى دفع السكان إلى السواحل حيث يصعب الدفاع عن النفس والاستقرار في المناطق الداخلية وهذا ما يفسر ضعف تعمير بعض الأجزاء من ساكنة الجزائر وعلى العكس كثرة السكان "لقبيل" على الجبال رغم ضرورة بناء قرى على أراضي صعبة، والظاهرة الأكثر كارثية في أمريكا الشمالية هي ترحيل أوبئة لم يكونوا مهيئين لمقاومتها بالإضافة إلى إدخال كحول إلى أراضهم وقد ترجم ذلك بتراجع كبير في مناطق مختلفة بل اختفاء شبه تام في هيتين وفلوريدا واستمرار الأمر إلى حين اتخاذ الإجراءات لحماية السكان الأصليين.
1-3- العامل الاقتصادي:
        لعب عامل الاقتصاد ولا سما التفاوتات في التنمية دورا كبيرا في التوزيع الغير المتكافئ للسكان ،لمدة طويلة لعبت العوامل الطبيعية دورا كبيرا في توزيع الساكنة في العالم ولكن منذ الثورة الصناعية وثورة النقل فان مجموعات بشرية لم تعد تنتج بنفسها كل ما يستهلك بالفعل فقد قلت أهمية العوامل الطبيعية بفعل تطور تقنيات وكذا المكانة المتزايدة للمنتوجات الصناعية ،لم تعد التجمعات الحضرية الكبرى للساحل  الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية وللساحل الجنوبي لليابان ممكنة لان حاجيات سكانها تضمنها منتوجات يتم البحث عنها في مناطق فلاحيه قليلة التعمير ، على العكس فان النمو الحضري في الدول حيث الفلاحة تمثل وسيلة عيش غالبية السكان.
2- الإنسان عامل من عوامل الإنتاج:
        لا توجد يد عاملة في جميع مناطق العالم بنفس العدد ولكن بالأخص لا توجد في العالم بنفس الجودة ، عموما يمكن أن نميز بين ثلاثة أنواع من المجالات.
2-1- مناطق أو بلدان أكثر تقدما:
        يتوفر المنتجون في هذه المناطق على يد عاملة مؤهلة وكلفة ساعات العمل نسبيا مرتفعة حتى بالنسبة للوظائف المنخفضة المهارة.
2-2- المجالات الأكثر فقرا والحديثة التصنيع:
        بها يد عاملة مؤهلة قليلة أما كلفة العمل فهي ضعيفة.
2-3- الدول الحديثة التصنيع:
        توجد في وضعية وسط بحيث ان اليد العاملة بهذه الدول رخيصة ومستوى كفاءتها نسبيا مرتفع.



       









يتم التشغيل بواسطة Blogger.