14 أبريل 2020

الرئيسية التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والفكرية في العالم في القرن 19م

التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والفكرية في العالم في القرن 19م

الاجتماعيات: التاريخ
السنة الاولى من سلك البكالوريا
شعبة العلوم التجريبية وشعبة العلوم الرياضية
شعبة العلوم الاقتصادية والتدبير
مسلك العلوم الشرعية بالتعليم الأصيل
مقدمة:
شهد العالم خلال ق 19م، مجموعة من التحولات المتكاملة والمترابطة فيما بينها، ساهمت بقوة في تعزيز النظام الرأسمالي.
فأين تتجلى مظاهر هذه التجولات؟
وأين تكمن أوجه هذا التعزيز؟ وكيف نفسر ذلك؟
1- التحولات الاقتصادية والمالية في العالم الرأسمالي خلال القرن 19م: تعريف وتفسير
1-1- تعريف التحولات الاقتصادية الرأسمالية خلال القرن 19م:
+ التحولات الفلاحية: شهد القرن 19م ثورة فلاحية اتخذت عدة مظاهر، خاصة في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الامريكية)، وأهم المؤشرات الدالة على هذه الثورة الفلاحية:
- تطوير الأساليب الزراعية وإدخال التقنيات العصرية (نظام الدورة الزراعية، الأسمدة الكيماوية...)
- بروز ملكيات كبرى في البوادي يتحكم فيها فلاحون رأسماليون كبار أسسوا شركات فلاحية تستهدف الربح وتعتمد التخصص في الإنتاج والتسويق والارتباط بالتجارة والصناعة.
- تحسن الإنتاج وارتفاع المردودية سواء في قطاع الحبوب أو الخضر والفواكه أو المواشي.
+ التحولات الصناعية: تواصلت الثورة الصناعية خلال القرن 19م مع بروز مصادر طاقية جديدة (الكهرباء إلى جانب الفحم والبخار، ثم ظهور النفط في أواخر القرن)، وكذا الاستثمار في فروع صناعية جديدة ومتنوعة (استهلاكية وتجهيزية وكيماوية ). وواكب هذه الثورة الصناعية ارتفاع في حجم إنتاج الحديد والصلب والمواد المصنعة الأخرى مما جعل قيمة مجموع الصادرات الصناعية ترتفع في عدة بلدان أوربية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتزداد بالتالي درجة مساهمتها في الناتج الوطني الخام لهذه الدولة.
+ التحولات المالية: بعد مرحلة الرأسمالية التجارية التي تراكمت فيها الأموال عبر نتائج الاكتشافات الجغرافية والنزعة الميركنتيلية جاءت المرحلة الصناعية لتفتح المجال أما ظاهرة التركيز الرأسمالي والمنافسة الحرة والاحتكارات، لينتهي الأمر بالرأسمالية إلى التحول نحو القالب المالي الذي تغيرت بموجبه وظيفة الأبناك لتصبح وظيفة استثمارية، كما برزت الشركات مجهولة الاسم أو شركات الأسهم، وهكذا أصبحت التحولات المالية تلعب دور المحرك لحياة الاقتصاد الرأسمالي.
2-1- تفسير التحولات الاقتصادية الرأسمالية:
هناك عوامل مختلفة ومتداخلة فيما بينها تفسر هذه التحولات المعززة للرأسمالية الاقتصادية يمكن رصدها كالآتي:
+ دور التقدم التقني والعلمي: شهد القرن 19م أحداثا تقنية وعلمية غيرت مجرى عملية الإنتاج والنقل والتسويق بشكل عزز النظام الرأسمالي من خلال اقتصاد الزمن والكلفة والرفع من الجودة وحجم الإنتاج. وقد برزت طرق أساليب وتقنيات جديدة في قطاعات اقتصادية مختلفة (الفلاحة، الصناعة، التجارة) أعطت قيمة مضافة للإنتاج الرأسمالي كما ونوعا (طريقة "بسمير" مثلا لإنتاج الفولاذ).
+ دور العامل التنظيمي: خلال القرن 19م تعززت روح النهج الاقتصادي الليبرالي سواء في الإنتاج  أو التبادل وتدعم قانون العرض والطلب ومنطق المنافسة، مما حتم التجديد المتواصل للتقنيات والأساليب فحل المصنع العصري محل الورشة التقليدية، والضيعة الرأسمالية محل المستغلات الصغيرة، وبرزت المتاجر العصرية الكبرى. غير أن الظاهرة الحاسمة في النظام الرأسمالي تبقى هي التركيز الرأسمالي بمختلف أشكاله، والذي خلق مؤسسات احتكارية طورت الاقتصاد خلال هذه المرحلة.
+ دور ثورة المواصلات في التحولات الاقتصادية المعززة للرأسمالية: فالقرن 19م شهد بوز السكة الحديدية التي أحدثت ثورة اقتصادية في أوربا والولايات المتحدة إضافة إلى تطور النقل البحري وإسهامه في تعزيز التجارة البعيدة المدى عبر أرجاء العالم الرأسمالي.
+ دور الفاعلين الجدد في تنشيط الرأسمالية خلال 19م: أصبحت الرأسمالية خلال القرن 19م موجهة من طرف الأبناك التي صارت تقوم بوظيفة الأعمال والاستثمارات الكبرى، والمقاولات الكبرى التي بات أصحابها يتحكمون في الاقتصاد والسياسة على حد سواء (أوجين شيندر كنموذج)، وأخيرا هناك الشركات مجهولة الاسم أو شركات الأسهم التي أصبحت هي القلب النابض في الرأسمالية المالية.
إن هؤلاء الفاعلين هم الذين أثروا على توسيع الرأسمالية وازدهارها خلال القرن 19م سواء في أوربا الغربية أو في الولايات المتحدة.
2- التحولات الاجتماعية والفكرية في العالم الرأسمالي خلال القرن 19م.
1-2- التحولات الاجتماعية:
+ التحول الديمغرافي والحضري: عرفت ساكنة بلدان أوربا زيادة لم يسبق لها مثيل، فقد تضاعفت عدة مرات بسبب ارتفاع نسبة المواليد وانخفاض نسبة الوفيات في ظل تحسن المستوى المعيشي والصحي خلال القرن 19م، من جهة أخرى تطورت الساكنة الحضرية في البلدان الرأسمالية حيث سجل عدد سكان المدن الكبرى زيادة ملموسة بفعل الثورة الصناعية التي حولت المدن إلى مراكز استقطاب المهاجرين من البوادي، خاصة مع كساد الحرف والزراعات التقليدية.
+ التحول في البنية الاجتماعية: تميز المجتمع الرأسمالي بنمو طبقتين اجتماعيتين متناقضتين من حيث المكانة والأوضاع المعيشية. الطبقة الأولى هي البورجوازية التي تجسدت قوتها مع التصنع وثورة المواصلات والتعاطي للأنشطة التجارية والمالية وتجميع الثروات والأرباح الرأسمالية، فكانت تعيش في ظل الرخاء المادي، أما الطبقة الثانية فهي "البروليتاريا" أو الطبقة العاملة التي كانت كثيرة العدد ورخيصة الأجر ومعرضة للاستغلال الرأسمالي وتعيش أوضاعا مزرية من الناحية الاجتماعية رغم دورها في تعزيز النظام الرأسمالي بفضل قوة عملها.
2-2- التحولات الفكرية:
برز الفكر الاشتراكي كانعكاس للثروة الصناعية ورد فعل لبؤس العمال في ظل الاستغلال البورجوازي الرأسمالي. وقد ظهر العديد من المنظرين الاشتراكيين، وبعضهم كان طوباويا في أفكاره مثل "سان سيمون" و "فوريي" و "أوين" الذين طالبوا بالحد من الرأسمالية المتوحشة وإقامة نظام اجتماعي تسود فيه العدالة والتعاون، أما البعض الآخر ويمثله "كارل ماركس" و"ف.إنجلز" فعرف بنزعة العلمية في انتقاد النظام الرأسمالي واعتمد على نظرية الصراع الطبقي في تفسير تطور المجتمع الرأسمالي، وهو الصراع الذي سينتهي حسب الطرح الماركسي بانتصار البروليتاريا على البورجوازية.
3-2- نشوء وتطور الحركة العالمية والتنظيم النقابي:
برزت الحركة العالمية في سياق التحول الصناعي كرد فعل عن معاناة العمال المأجورين من ظروف العمل القاسية وتدني الظروف المعيشية والإنسانية للفئة العريضة في المجتمع الرأسمالي. وأمام تزايد الوعي العمالي تشكلت التنظيمات النقابية للدفاع عن حقوق العمال وتحسين ظروفهم وأوضاعهم الاجتماعية والمهنية. ولجأت هذه التنظيمات إلى أسلحة مختلفة لمواجهة الاستغلال البورجوازي مثل الإضرابات والتحالفات مع الأحزاب الاشتراكية. وقد نجحت في انتزاع عدة مكاسب مثل الحد من تشغيل الأطفال وتحديد ساعات العمل والتأمين ضد المرض وحوادث الشغل...
خاتمة:
لقد تعززت الرأسمالية خلال القرن 19م بفعل مجموعة من التحولات الاقتصادية والتقنية والمالية، وكان لذلك انعكاسات على بنية المجتمع ونمط التفكير مما خلق حركية جديدة للمجتمع الرأسمالي.

                                                          اعداد: بلال علييو bilal alyiou
يتم التشغيل بواسطة Blogger.