المغرب تحت نظام الحماية
مقدمة:
ساهمت
الضغوط الاستعمارية التي تعرض لها المغرب خلال القرن 19م. في إضعافه وزيادة التدخل
الأجنبي في شؤونه الداخلية، وبالتالي فرض الحماية الفرنسية عليه بتاريخ 30 مارس
1912.
ما هي الظروف التاريخية لغرض الحماية على
المغرب؟ وما مظاهر تطبيقها؟ وما دور المقاومة المسلحة في مواجهتها؟
1- الظروف التاريخية لفرض الحماية
على المغرب:
1-1- أسهمت الأزمات الداخلية
والضغوط الخارجية في فرض الحماية على المغرب:
· الأوضاع الداخلية:
واجه
المغرب في عهد السلطان المولى عبد العزيز مطلع القرن العشرين عدة مشاكل منها:
-
أزمة مالية حادة تمثلت في فراغ خزينة الدولة وارتفاع
النفقات. مما دفع للاقتراض من الدول الأوربية.
-
أقر السلطان المولى عبد العزيز ضريبة الترتيب
التي وجهت بالرفض من طرف الأعيان.
-
اندلاع مجموعة من الثورات من أبرزها ثورة
بوحمارة، وثورة الريسوني.
· الأوضاع الخارجية:
فرضت الدول الأوربية تدخلها في الشؤون
الداخلية للمغرب أواخر القرن 19م ومطلع القرن 20م في إطار ما عرف بالمسألة
المغربية، وذلك من خلال مجموعة من المؤتمرات (مؤتمر مدريد 1880م، الجزيرة الخضراء
1906م)، والتي استطاعت فرنسا من خلالها إزاحة خصومها وتسوية الخلافات حول المغرب
عقد مجموعة من الاتفاقيات مع كل من انجلترا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وساهمت
هذه الوضعية في الزيادة من تأزيم وضعية المغرب على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
حاول
السلطان المولى عبد العزيز تطبيق مقتضيات مؤتمر الجزيرة الخضراء، فقام بإبعاده سنة
1908م وتعيين المولى عبد الحفيظ، لكن هذا الأخير لم يستطع مواجهة الأطماع
الأجنبية. فكانت النتيجة فرض الحماية على المغرب سنة 1912م.
1-2- نصت معاهدة الحماية 30
مارس 1912م على قيام فرنسا بمجموعة من الإصلاحيات:
اتفاقية
الحماية عبارة عن عقد يتكون من ديباجة وتسعة فصول تنص على صلاحيات كل من الإدارة
الفرنسية والمخزن المغربي، ويعتمد وجود الإدارة الأجنبية التي خول لها:
-
تأسيس نظام جديد يشتمل على الإصلاحيات
الإدارية والعدلية والتعليمية والاقتصادية والمالية والعسكرية التي تنفذها سلطات
الحماية بتعاون مع المخزن المغربي؛
-
احترام حرمة السلطان ومختلف خصوصيات المملكة
المغربية؛
-
احتلال المغرب عسكريا لضمان الأمن والتهدئة؛
-
كما نصت بمنع فرنسا ولإسبانيا حق تنفيذ
مقتضيات الحماية في منطقة الاحتلال الإسباني شمال المغرب ووضع طنجة تحت النفوذ
الدولي.
هذا حسب اتفاقية الحماية، لكن الواقع سجل
شيئا آخر وهو أن المغرب أصبح بلدا محتلا ابتداء من هذا التاريخ، والذي وجه
بالمقاومة المسلحة التي امتدت طيلة 22 سنة التي تلت عقد اتفاقية الحماية.
2- أجهزة ومؤسسات نظام الحماية
بالمغرب:
ورد
في الاتفاق الودي الفرنسي الانجليزي 1904 ضرورة إشراك إسبانيا في فرض نفوذها على
المغرب، ولذلك عقد اتفاق فرنسي إسباني في أكتوبر 1904 يقسم المغرب إلى منطقة نفوذ
إسبانيا شمال وجنوب المغرب ومنطقة النفوذ الفرنسي في الوسط، كما تم سنة 1912 تحديد
مدينة طنجة كمنطقة دولية.
· أجهزة ومؤسسات نظام الحماية في المنطقة السلطانية:
-
الإدارة مركزية: على رأسها المقيم العام
الفرنسي يشرع القوانين ويصادق عليها، ويعتبر ليوطي هو أول وأهم مقيم عام فرنسي
بالمغرب في المقابل احتفظ السلطان المغربي بالسلطة الدينية وبالتوقيع على القوانين
التي يصدرها المقيم العام الفرنسي.
-
إقليميا وجهويا قسمت منطقة النفوذ الفرنسي
إلى سبعة أقاليم يرأس كل منها موظف سام كل إقليم إلى دوائر حضرية يرأسها القائد
وقروية يرأسها الباشا.
· أجهزة ومؤسسات نظام الحماية في المنطقة الخلفية:
-
الإدارة المركزية: احتكر المندوب السامي
الإسباني السلطة الفعلية، في حين احتفظ خليفه السلطان بسلطة شكلية.
-
الإدارة المحلية: كان القنصل الإسباني يشرف
على المدن التي يحكمها الباشوات، كما كان الضابط العسكري الإسباني يشرف على
البوادي التي يرأسها القواد.
· أجهزة ومؤسسات نظام الحماية في منطقة طنجة الدولية:
تولى مندوب أجنبي إدارة شؤون مدينة طنجة وذلك
بمساعدة سفراء وقناصل الدول الأجنبية وأعيان المدينة.
عرفت طنجة في عهد الحماية تمركز الجالية
الأجنبية وفي طليعتها الإسبان والفرنسيون.
3- مراحل الاحتلال العسكري للمغرب
ما بين 1912 و1934م:
قبل
1912م احتلت فرنسا المغرب الشرقي والمناطق الممتدة من الدار البيضاء إلى فاس
واحتلت إسابنيا سيدي إفني وبعض المناطق شمال المغرب، وبعد توقيع معاهدة الحماية تم
إتمام احتلال المغرب عسكريا، وذلك عبر مراحل:
-
مناطق احتلت قبل 1912م (ضواحي الرباط والدار
البيضاء وفاس ووجدة)
-
مناطق احتلت ما بين 1912 و1914م (سهول عبد
ودكالة والحوز وتازة وضواحيها)؛
-
مناطق احتلت ما بين 1914 و1920م (جبال الأطلس
الكبير والمتوسط وبعض الواحات بالجنوب الشرقي)؛
-
مناطق احتلت ما بين 1921 و1926م (جبال الريف
وبعض المناطق بالأطلس المتوسط)؛
-
مناطق احتلت ما بين 1931 و1934م (المناطق
الصحراوية)؛
يفسر احتلال المغرب عسكريا عبر مراحل بقوة
المقاومة المسلحة التي واجهتها فرنسا وإسبانيا.
4- واجه المغاربة الاحتلال العسكري
من خلال المقاومة المسلحة:
قادة
القبائل المغربية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال العسكري الفرنسي والاسباني، والتي
شملت مختلف مناطق المغرب في الفترة الممتدة ما بين 1912 و1934م، ويمكن تقديمها في
الجدول التالي:
مناطق المقاومة
|
زعماء المقاومة
|
أحداث المقاومة
|
الريف
|
محمد عبد الكريم الخطابي
|
معركة أنوال 21 يوليوز 1921م: انتصار المقاومة
المغربية على اسبانيا وبدأ يهدد الوجود الفرنسي بتازة.
|
الأطلس المتوسط
|
موحى أحمد الزياني
|
انتصر على الفرنسيين في معركة لهري 13 نونبر1914م،
انتهت مقاومة سنة 1912م بعد محاصرته من طرف فرنسا.
|
تافيلات والأطلس الكبير
|
عسو أوبسلام
|
انتصر على الفرنسيين في معركة بوغافر فبراير 1933م.
|
المناطق الجنوبية
|
أحمد الهيبة مربيه ربه
|
قاد أحمد الهيبة معركة سيدي بوعثمان شتنبر 1912م التي
انهزم فيها ليخلفه أخوه مربيه ربه.
|
من
خلال المقاومة المسلحة لنظام الحماية عبر المغاربة عن رفضهم للإستعمار، كما أنها
أخرت الاحتلال العسكري الفرنسي والاسباني للمغرب، وقد ساهمت مجموعة من العوامل في
ابتداء من 1934م من أهمها:
-
استعمال المقاومين لأسلحة تقليدية مقابل
استعمال سلطات لاحتلال لأسلحة متطورة؛
-
تدخل القواد الكبار لمساعدة سلطات الاحتلال؛
-
محاصرة مناطق المقاومة والتضييف عليها مما
دفعها للاستسلام؛
-
استعمال الغازات السامة في الريف؛
خاتمة:
واجه
المغاربة الاحتلال الفرنسي والاسباني من خلال المقاومة المسلحة، لكن في النهاية
تمكنتا من إخضاع المغرب لتنطلق بعد ذلك مرحلة النضال السلمي من أجل تحقيق
الاستقلال عبر الحركة الوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق