23 يونيو 2017

الرئيسية التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والفكرية في العالم في القرن 19م

التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والفكرية في العالم في القرن 19م

التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والفكرية في العالم في القرن 19م

مقدمة:
        شهد العالم خلال القرن 19م، مجموعة من التحولات المتكاملة والمترابطة فيما بينها، ساهمت بقوة في تعزيز النظام الرأسمالي، فأين تتجلى مظاهر هذه التحولات؟ وأين تكمن أوجه هذا التعزيز؟ وكيف نفسر ذلك؟
1- التحولات الاقتصادية والمالية في العالم الرأسمالي خلال القرن 19م: تعريف وتفسير:
1-1- تعريف التحولات الاقتصادية الرأسمالية خلال القرن 19م:
·       التحولات الفلاحية:
شهد القرن 19م ثورة فلاحية اتخذت عدم مظاهر، خاصة في أوربا الغربية وأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الأمريكية)، وأهم المؤشرات الدالة على هذه الثورة الفلاحية هي:
-         تطوير الأساليب الزراعية وإدخال التقنيات العصرية (نظام الدورة الزراعية، الأسمدة الكيماوية...)
-         بروز ملكيات كبرى في البوادي يتحكم فيها فلاحون رأسماليون كبار أسسوا شركات فلاحية تستهدف الربح وتعتمد التخصص في الإنتاج والتسويق والارتباط بالتجارة والصناعة.
-         تحسن الإنتاج وارتفاع المردودية سواء في قطاع الحبوب أو الخضر والفواكه أو المواشي.
·       التحولات الصناعية:
تواصلت الثورة الصناعية خلال القرن 19م مع بروز مصادر طاقية جديدة (الكهرباء إلى جانب الفحم والبخار، ثم ظهور النفط في أواخر القرن)، وكذا الاستثمار في فروع صناعية جديدة ومتنوعة (استهلاكية وتجهيزية وكيماوية). وواكب هذه الثورة الصناعية ارتفاع في حجم إنتاج الحديد والصلب والمواد المصنعة الأخرى مما جعل قيمة مجموع الصادرات الصناعية ترتفع في عدة بلدان أوربية مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، وتزداد بالتالي درجة مساهمتها في الناتج الوطني الخام لهذه الدول.
·       التحولات المالية:
بعد مرحلة الرأسمالية التجارية التي تراكمت فيها الأموال عبر نتائج الاكتشافات الجغرافية والنزعة الميركنتيلية جاءت مرحلة الصناعة لتفتح المجال أمام ظاهرة التركيز الرأسمالي والمنافسة الحرة والاحتكارات، لينتهي الأمر بالرأسمالية إلى التحول نحو القالب المالي الذي تغيرت بموجبه وظيفة الأبناك لتصبح وظيفة استثمارية، كما برزت الشركات مجهولة الاسم أو شركات الأسهم، وهكذا أصبحت التحولات المالية تلعب دور المحرك لحياة الاقتصاد الرأسما.
1-2- تفسير التحولات الاقتصادية الرأسمالية:
هناك عوامل مختلفة فيما بينها تفسر هذه التحولات المعززة للرأسمالية الاقتصادية يمكن رصدها كالآتي:
·       دور التقدم التقني والعلمي:
شهد القرن 19م أحداثا تقنية وعملية غيرت مجرى عملية الإنتاج والنقل والتسويق بشكل عزز النظام الٍرأسمالي من خلال اقتصاد الزمن والكلفة والرفع من الجودة وحجم الإنتاج. وقد برزت طرق وأساليب وتقنيات جديدة في قطاعات اقتصادية مختلفة (الفلاحة، الصناعة، التجارة) أعطت قيمة مضافة للإنتاج الرأسمالي كما ونوعا (طريقة"بسمير" مثلا لإنتاج الفولاذ).
·       دور العامل التنظيمي:
خلال القرن 19م تعززت روح النهج الاقتصادي الليبرالي سواء في الإنتاج أو التبادل وتدعم قانون العرض والطلب ومنطق المنافسة، مما حتم التجديد المتواصل للتقنيات والأساليب فحل المصنع العصري محل الورشة التقليدية، والضيعة الرأسمالية محل المستغلات الصغيرة، وبرزت المتاجر العصرية الكبرى. غير أن ظاهرة الحاسمة في النظام الرأسمالي تبقى هي التركيز الرأسمالي بمختلف أشكاله، والذي خلق مؤسسات احتكارية طورت الاقتصاد خلال هذه المرحلة.
·       دور ثورة المواصلات في التحولات الاقتصادية المعززة للرأسمالية:
فاقرن 19م شهد بروز السكة الحديدية التي أحدثت ثورة اقتصادية في أوريا والولايات المتحدة، إضافة غلى تطور النقل البحري وإسهامه في تعزيز التجارة البعيدة المدى عبر أرجاء العالم الرأسمالي.
·       دور الفاعلين الجدد في تنشيط الرأسمالية خلال القرن 19م:
أصبحت الرأسمالية خلال القرن 19م موجهة من طرف الأبناك التي صارت تقوم بوظيفة الأعمال والاستثمارات الكبرى، والمقاولات الكبرى التي بات أصحابها يتحكمون في الاقتصاد والسياسة على حد سواء  (أوجين شيندر كنموذج)، وأخيرا هناك الشركات مجهولة الاسم أو شركات الأسهم التي أصبحت هي القلب النابض في الرأسمالية المالية.
إن هؤلاء الفاعلين هم الذين أثروا على توسيع الرأسمالية وازدهارها خلال القرن 19م سواء في أوربا الغربية أو في الولايات المتحدة.
2- التحولات الاجتماعية والفكرية في العالم الرأسمالي حلال القرن 19م:
2-1- التحولات الاجتماعية:
التحول الديمغرافي والحضري
التحول في البنية الاجتماعية
عرفت ساكنة بلدان أوربا زيادة لم يسبق لها مثيل، فقد تضاعفت عدة مرات بسبب ارتفاع نسبة المواليد وانخفاض نسبة الوفيات في ظل تحسن المستوى المعيشي والصحي خلال القرن 19م. من جهة أخرى تطورت الساكنة الحضرية في البلدان الرأسمالية حيث سجل عدد سكان المدن الكبرى زيادة ملموسة بفعل الثورة الصناعية التي حولت المدن إلى مراكز استقطاب المهاجرين من البوادي، خاصة مع كساد الحرف والزراعات التقليدية.
تميز المجتمع الرأسمالي بنمو طبقتين اجتماعيتين متناقضتين من حيث المكانة والأوضاع المعيشية، الطبقة الأولى هي البورجوازية التي تجسدت قوتها مع التصنيع وثورة المواصلات والتعاطي للأنشطة التجارية والمالية وتجميع الثروات والأربح الرأسمالية، فكانت تعيش في ظل الرخاء المادي. أما الطبقة الثانية فهي "البروليتاريا" أو الطبقة العاملة التي كانت كثيرة العدد ورخيصة الأجر ومعرضة للاستغلال الرأسمالي وتعيش أوضاعا مزرية من الناحية الاجتماعية رغم دورها في تعزيز النظام الرأسمالي بفضل قوة عملها.
2-2- التحولات الفكرية:
        برز الفكر الاشتراكي كانعكاس للثورة الصناعية ورد فعل لبؤس العمال في ظل الاستغلال البورجوازي الرأسمالي. وقد ظهر العديد من المنظرين الاشتراكيين، بعضهم كان طوباويا في أفكاره مثل "سان سيمون" و"فوريي" و"أوين" و"برودون" الذين طالبو بالحد من الرأسمالية المتوحشة وإقامة نظام اجتماعي تسود فيه العدالة والتعاون، أما البعض الآخر ويمثله "كارل ماركس" و"ف.إنجلز" فعرف بنزعته العلمية في انتقاد النظام الرأسمالي واعتمد على نظرية الصراع الطبقي في تفسير تطور المجتمع الرأسمالي، وهو الصراع الذي سينتهي حسب الطرح الماركسي بانتصار البرورجوازية.
2-3- نشوء وتطور الحركة العمالية والتنظيم النقابي:
        برزت الحركة العمالية في سياق التحول الصناعي كرد فعل عن معاناة العمال المأجورين من ظروف العمل القاسية وتدني الظروف المعيشية والإنسانية للفئة العريضة في المجتمع الرأسمالي. وأمام تزايد الوعي العمالي تشكلت التنظيمات للدفاع عن حقوق العمال وتحسين ظروفهم وأوضاعهم الاجتماعية والمهنية. ولجأت هذه التنظيمات إلى أسلحة مختلفة لمواجهة الاستغلال البورجوازي مثل الاضرابات والتحالفات مع الأحزاب الاشتراكية. وقد نجحت في انتزاع عدة مكاسب مثل الحد من تشغيل الأطفال وتحديد ساعات العمل والتأمين ضد المرض وحوادث الشغل...
خاتمة:
        لقد تعززت الرأسمالية خلال القرن 19م بفعل مجموعة من التحولات الاقتصادية والتقنية والمالية، وكان لذلك انعكاسات على بنية المجتمع مما خلق حركية جديدة للمجتمع الراسمالي.
أوربأمام ا





يتم التشغيل بواسطة Blogger.